عهد الخطبة الملكية
كانت الرحلة الملكية إلى أوروبا فى شتاء 1937 هى الخطوة الأولى فى سبيل القران الملكى السعيد
إذ رافقت الأسرة الملكية فيها صاحبة العصمة السيدة زينب هانم ذو الفقار وكريمتها ( جلالة الملكة فريدة ) وقد مهدت هذه الرحلة لصداقة متينة بين الملكة فريدة وصاحبات السمو الأميرات شقيقات الملك فوزية وفائزة ... وكانت فرصة للملك ليَطلع على صفات عروسه ويعرف ميزاتها .
وفى ذات أمسية من شهر أغسطس 1937 - كان الملك فاروق بمصيفه بالإسكندرية فقصد فى سيارته سراى سعادة يوسف بك ذو الفقار وكان فى إستقباله كريمة رب البيت الآنسة ( صافى ناز - فريدة ) لأن والدها كان قد سافر إلى بورسعيد ليُبحر منها إلى لبنان ...
وكانت السيدة والدتها قد ذهبت إلى سراى سعادة حسين صبرى باشا لتقضى سهرتها مع أسرته الكريمة وعندما استقر المقام بالملك فاروق حتى راح يسأل الآنسة النبيلة هل تقبله زوجاً لها ، فكانت مفاجأة سارة لم تعرف إزاءها إلا أن أحنت رأسها وقالت فى صوت حبسه الخجل والسرور ( هذا شرف عظيم يا مولاى )
وعندئذ صحبها جلالته فى سيارته إلى السيدة والدتها حيث أخبراها بما كان بينهما فطفرت من عينها دمعة الفرح وقالت لجلالته : تلك نعمة من الله وشرف كبير .
وكان سعادة يوسف ذو الفقار والد العروس قد سافر إلى بور سعيد فطلب الملك أن يظل أمر الخطبة سراً بينهما هو والعروس ووالدتها حتى يفاتح والد العروس بنفسه .. فأرسلت إلى سعادته برقية فى بور سعيد تطلب إليه أن يلغى سفره ويُعجِل بالعودة إلى الأسكندرية وتم محادثة حكمدار بوليس بور سعيد ليطلب إلى سعادته أن يَعدِل عن السفر فانزعج جداً وذهبت به الظنون كل مذهب ومرت بمخيلته طائفة من الفروض دون أن يخطر بباله أن القدر قد كتب لكريمته أن تكون ملكة على مصر .
وكان أن عاد يوسف بك ذو الفقار إلى الأسكندرية ليترف بمقابلة الملك فاروق ليطلب إليه الملك يد كريمته ثم أُعلنت الخطبة رسمياً .
هدايا الخطبة الملكية
فى أول زيارة قام بها الملك لسراى والد خطيبته كان يحمل ثلاث هدايا :
1 - خاتم الخطبة وهو الذى كان الملك فؤاد الأول قد قدمه للملكة الأم (الملكة نازلى ) فى مثل هذه المناسبة .
2 - براءة الباشوية التى أنعم بها على والد خطيبته .
3 - براءة الوشاح الأكبر من نيشان الكمال الذى أنعم به على السيدة والدة الخطيبة .
ثم توالت بعد ذلك الهدايا الملكية على الخطيبة النبيلة .. إذ قدم لها جلالته فى عيد ميلادها السادس عشر سيارة كابروليه .. وقدم لها فى مناسبة أخرى مصحفاً ثميناً يُعتبر تحفة فنية نادرة ..
هذا غير الهدايا اليومية التى كان يبعث بها جلالته لخطيبته من الزهور النادرة والفواكه الحديثة الظهور والطيور والأسماك التى يصطادها بنفسه .
وكان الملك يقوم بزيارة خطيبته فى سراى والدها دون كلفة أو سابق إخطار .. فكثيراً ما كان يفاجئها مع والديها فيقضى معهم سهرة ممتعة ووقتاً جميلاً
وعقب إعلان الخطبة الملكية لاحظ الملك أن صور خطيبته تتسرب إلى الصحافة .. فقصد سراى سعادة يوسف باشا ذو الفقار وطلب أن يرى كل صور خطيبته فأحضر الباشا كل ما عنده من صور كريمته فى أطوار حياتها المختلفة فوضعها الملك فى صندوق وأخذها معه إلى سراى المنتزه ، وهكذا استطاع أن يحول دون تسرب صور خطيبته ، ثم استدعى بعد ذلك أحد المصورين المهرة الخاصين بالبلاط الملكى وتم أخذ مجموعة صور للخطيبة فريدة .. احتفظ الملك بمعظمها عدا إثنتين سمح بنشرهما فى الصُحف .. وكان فاروق حريصاً على أن تُنشر صوراً لخطيبته وهى ترتدى ثوب طويل الأكمام يغطى الصدر والظهر يعتبر مثلاً من امثلة الحشمة والوقار والذوق الحسن .
ظل الملك يقضى معظم وقته مع خطيبته طوال مقامه فى الأسكندرية .. ولما عاد الملك إلى القاهرة إنتقلت أسرة العروس إلى القاهرة أيضاً حيث أُعِد لجلالتها سراى شماس بك بمصر الجديدة ، وقضيت بها فترة قصيرة هى الفترة التى سبقت عقد القرآن السعيد .
قصر العروسين
جرت العادة فى الدولة المتحضرة أن يُخصص لأولياء العهود قصور مستقلة يقيمون فيها بعيداً عن مقر الملك لكن الملك فاروق سواء كان ولياً للعهد أو ملكاً آثر البقاء مع والدته الملكة نازلى وشقيقاته .. وبعد عقد الخطبة الملكية رأت الملكة نازلى أن تتخلى للعروس عن السرايات الملكية حتى تقيم فيها مع الملك وتقيم هى فى سراى المغفور له والدها فى الدقى .. فلم يوافق الملك فاروق وأصر أن تظل جلالتها إلى جواره طفلاً وملكاً وخطيباً ...
وعلى ذلك استقر الرأى على أن تقيم مع جلالة الملك وعروسه فى سراى القبة وأن يخصص لها ولصاحبات السمو الملكى الأميرات الجناح الذى كان يقيم فيه جلالته قبل الزواج مع تغيير طفيف على نظام الصالونات والردهات .
هذا فى فصل الشتاء ، أما فى فصل الصيف قتقيم الملكتان معاً كذلك فى سراى المنتزه على أن تقيم الملكة فريدة مع جلالة الملك فى السراى القديمة التى تطل على الميناء ، بينما تقيم الملكة نازلى والأميرات فى ( السراى الجديدة ) التى شيدها الملك الراحل قبل موته .
المفضلات